جلس الرسول صلى الله عليه وسلم يوماً في المسجد وحوله اصحابه من كبار الصحابه
وسادات الأنصار والاولياء والعلماء يعلمهم ويؤدبهم
.
وإذا بامرأة متحجبة تدخل من باب المسجد.. فسكت عليه
الصلاة والسلام، وسكت أصحابه.. وأقبلت رويدا.. تمشي وجلا
وخشية.. رمت بكل مقاييس البشر وموازينهم.. تناست العار
والفضيحة.. لم تخش الناس.. أو عيون الناس.. وماذا يقول الناس..
أقبلت تطلب الموت.. نعم تطلب الموت.. فالموت يهون إن كان
معه المغفرة والصفح.. يهون إن كان بعده الرضا والقبول.. حتى
وصلت إليه عليه الصلاة والسلام ثم وقفت أمامه وأخبرته بأنها زنت!! وقالت:
(يا رسول الله أصبت حد افطهرني).
ماذا فعل الرسول
هل استشهد عليها الصحابة؟
هل قال
لهم: اشهدوا عليها؟ لا، احمر وجهه حتى كاد يقطر دما.. ثم حول
وجهه إلى الميمنة، وسكت كأنه لم يسمع شيئًا.
حاول الرسول
أن ترجع المرأة عن كلامها ولكنها امرأة
مجيدة، امرأة بارة، امرأة رسخ الإيمان في قلبها وفي جسمها.. حتى
جرى في كل ذرة من ذرات هذا الجسد.. فقالت – واسمع ماذا
قالت -: أراك يا رسول الله تريد أن تردني كما
رددت ماعز بن مالك، فوالله إني حبلى من الزنا..!! فقال
.« اذهبي حتى تضعيه »
ويمر الشهر تلو الشهر.. والآلام تلد الآلام.. حملت طفلها تسعة
أشهر.. ثم وضعته.. وفي أول يوم أتت به وقد لفته في خرقة..
وقالت: يا رسول الله، طهرني من الزنا.. ها أنا وضعته فطهرني يا
رسول الله. فنظر إلى طفلها. وقلبه يتفطر عليه ألمًا وحزنا.. فهو
الرحمة للعصاة، والرحمة للطيور، والرحمة للحيوان.. قال بعض أهل العلم
بل هو الرحمة حتى للكافر
قال الله تعالى (( وما ارسلناك الا رحمةً للعالمين))
من يرضع الطفل إذا قتلها؟ من يقوم بشؤونه إذا أقام عليها الحد
فقال « ارجعي فإذا فطمتيه فعودي إلي »
فذهبت الى بيت أهلها، فأرضعت طفلها، وما يزداد الإيمان في قلبها
إلا رسواً كرسوالجبال.وتدور السنة تعقبها سنة..
وتأتي به وفي يده خبز يأكله تقول:
يا رسول الله قد فطمته فطهرني.. !!
أي إيمان هذا
الذي تحمله.. ما هذا الإصرار والعزم.. ثلاث سنين تزيد أو
تنقص.. والأيام تتعاقب.. والشهور تتوالى.. وفي كل لحظة لها مع
الألم قصة.. وفي عالم المواجع رواية..
ثم أتت بالطفل بعد أن فطمته.. وفي يده كسرة خبز.. وذهبت
إلى الرسول عليه الصلاة والسلام قالت: طهرني يا رسول الله..
فأخذ طفلها وكأنه سل قلبها من بين جنبيها..
لكنه أمر الله.. أمر العدالة السماوية.. الحق الذي تستقيم به الحياة..؟
ويؤمر بها فتدفن إلى صدرها ثم ترجم..
فرجمت، ثم صلى عليها الرسول صلى الله عليه وسلم ، فقال عمر
تصلي عليها يا نبي الله وقد زنت؟
فقال النبي
"لقد تابت توبة، لو قسمت بين سبعين من !
أهل المدينة لوسعتهم وهل وجدت توبة أفضل من أن جادت
بنفسها لله تعالى"